بعد مضيّ ما يقرب من 10 سنوات على اندلاع الأزمة السورية، لا تزال السياسة الخارجية للولايات المتحدة حيال هذا البلد في حالة من الغموض.
وعلى الرغم من أن الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما ودونالد ترامب قد علَّقا مرارًا وتكرارًا على القضية السورية، إلا أنهما لم يجعلا هذه الأزمة أولويةً في سياساتهما في غرب آسيا.
بعض المراقبين السياسيين في الولايات المتحدة انتقدوا نهج فريقي السياسة الخارجية لأوباما وترامب، وهم يعتقدون أن واشنطن فشلت استراتيجيًا في سوريا، وخسرت أمام منافسها الرئيسي في النظام الدولي، أي الروس.
لكن على صعيد آخر، يمكن النظر إلى مقاربة السياسة الخارجية الأمريكية للأزمة السورية في سنوات ما بعد 2011، على أنها إشارة واضحة على نهاية الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، ولا سيما في منطقة غرب آسيا.
لا شك أنه خلال فترة رئاسة دونالد ترامب التي استمرت أربع سنوات، زادت التناقضات الدبلوماسية والاستراتيجية للسياسة الخارجية الأمريكية بشأن الأزمة السورية، أكثر من أي وقت مضى.
في غضون ذلك، فإن عجز واشنطن عن إدارة الوضع في شمال سوريا ومواجهة هجمات تركيا، أظهر سلبية وعدم ثبات السياسة الخارجية الأمريكية أكثر من ذي قبل.
ومع ذلك، شهدت انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 صعود الديمقراطيين بقيادة جو بايدن، الذين انتقدوا بشکل متكرر سياسة ترامب الخارجية بشأن الأزمة السورية خلال رئاسته.
إعتبر بايدن ومرشحه لمنصب وزير الخارجية "أنتوني بلينكين" مرارًا وتكرارًا سياسة ترامب بشأن التطورات في سوريا بالفاشلة، وقيَّما بأن رد الولايات المتحدة على تصرفات تركيا کان فاشلاً.
والسؤال المطروح الآن هو، ما هي القضايا والمخاوف التي يواجهها فريق السياسة الخارجية لجو بايدن فيما يتعلق بإدارة الأزمة السورية والسياسة الأمريكية في هذا البلد، وما هي الإستراتيجية الممكنة التي سيتخذها لكل من هذه القضايا؟
عند معالجة هذا السؤال الرئيسي، يمكننا الإشارة إلى 10 مخاوف أو قضايا، تواجه السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الأزمة السورية:
1- يمكن تقييم الاهتمام الأول وربما الأهم لإدارة بايدن هو التعامل مع الأزمة في سوريا ككل. فهل تريد الولايات المتحدة تدخلاً أكثر فاعليةً في الجولة الجديدة، أم أنها ستواصل نهجها السلبي تجاه التطورات في سوريا، كما فعلت طوال السنوات العشر الماضية؟ بالنظر إلى النهج الذي اتخذه المقربون من بايدن، لا يبدو أن هناك تغييرًا كبيرًا في سياق التدخل في الأزمة السورية، ومن المرجح أن تستمر سياسة الحد الأدنى من التدخل في الأزمة السورية.
2- إن تبني نهج المشاركة في محادثات جنيف لصياغة دستور سوري جديد، هي قضية أخرى تواجه سياسة بايدن الخارجية. إن الإستراتيجية التي يجب أن تتبناها الولايات المتحدة لصياغة دستور سوري جديد، تحت رعاية الأمم المتحدة، لتنفيذ قرار مجلس الأمن لعام 2015، هي مسألة يقررها فريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن.
3- دعم الولايات المتحدة أو عدم دعمها لخطة الأمم المتحدة لإنشاء آلية لإجراء الانتخابات في عام 2021، سيكون قضيةً أخرى تواجه إدارة بايدن بشأن سوريا.
4- ستكون مسألة كيفية التعامل مع الأكراد بلا شك واحدة من القضايا المعقدة التي تواجه إدارة بايدن فيما يتعلق بسوريا. فهل سيتوقف بايدن مثل ترامب عن دعم الأكراد في المنعطفات الحساسة؟
5- يمكن تقييم مصدر قلق مهم آخر للسياسة الخارجية لبايدن فيما يتعلق بالأزمة السورية، هو طبيعة المواجهة مع السياسات التركية. ففي السنوات الأخيرة، اتهم بايدن مرارًا وتكرارًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه استبدادي، منتقداً سياسة ترامب المتمثلة في عدم دعم الأكراد ضد تركيا.
6- على مستوى آخر، فإن کيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع الجماعات الإرهابية التي ترعاها تركيا في سوريا، هي قضية أخرى يجب أن تقررها وزارة الخارجية الأمريكية.
7- من القضايا الأخرى التي تواجه إدارة بايدن، هي سياساتها الكلية بشأن المستقبل السياسي للأكراد السوريين. خلال حقبة ترامب، أظهرت واشنطن، من خلال دعم الهيمنة الكردية على حقول النفط السورية في دير الزور، أنها تميل إلى خلق وضع شبه مستقل للأكراد، مما سيوفر أرضيةً ضروريةً وغير كافية من خلال الاستمرار في السيطرة على جزء من عائدات النفط السورية. والآن علينا أن نرى كيف سيتعامل بايدن مع هذه القضية.
8- يمكن تقييم قرار مهم آخر لفريق بايدن من مستشاري الأمن القومي والسياسة الخارجية، حول نوع سياسة هذا البلد فيما يتعلق بالخطة المسماة "قيصر"، والتي بموجبها تفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية كبيرة على سوريا منذ عام 2019.
9- نوع التفاعل مع حكومة بشار الأسد هو مصدر قلق آخر لإدارة بايدن. في الواقع، يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تقرر ما إذا كانت لا تزال تنتهج سياسة تغيير النظام، أو ما إذا كان يمكنها التعاون مع حكومة بشار الأسد.
10- أخيرًا، يواجه فريق السياسة الخارجية لبايدن سياسات وإجراءات الحكومة الروسية فيما يتعلق بالأزمة السورية، ومن المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة زيادةً في التوترات بين الجانبين.
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/21473
الكلمات: